مثلث التدريب
إن التدريب دور إنساني مهم بدأ معنا منذ بداية وجود البشر، حيث إن الخبرات والمعلومات كانت تنتقل من جيل إلى جيل عن طريق التدريب، بل أشار القرآن في آيات في سورة المائدة إلى دورة تدريبية قام بتقديمها غراب لأحد البشر. وهذا دور موجود في حياتنا الحالية ونمارسه منذ نعومة أظافرنا، حيث يتم تدريب الأطفال على طرق الأكل واستخدام دورات المياه وغيرها من المهارات الحياتية.
وفي زمننا هذا أصبح التدريب مهنة مستقلة، بالإضافة لكونه دوراً حياتياً يمارسه البشر بتلقائية، وأصبح جزءاً من مسارات العمل والتطوير الوظيفي، بل وجزءاً من الحياة الزوجية والاجتماعية، ونتيجة لهذا التحول أصبحنا نحتاج أن نضع بعض الضوابط لممارسة التدريب، وهذا حال كل مهنة انتقلت من التلقائية إلى الاحترافية. لذلك يبقى دائما سؤال يتردد دائما.. ما الذي يصنع المدرب المتميز؟ وهل هناك شروط وضوابط لذلك؟
من وجهة نظري الشخصية وبعد تأمل في وضع التدريب في مجتمعاتنا ومن خبرة حوالي 10 سنوات في المجال وضعت نموذجاً أسميته “مثلث التدريب” وهو في رأيي يمثل الشروط الـ ٣ الأساسية للمدرب المتميز، وسأستعرضها كل على حدة في الفقرات التالية.
الشرط الأول هو: إتقان مهارات التدريب وأعني بها مهارات إعداد المادة التدريبية وتحويل الأفكار المجردة إلى تمارين وألعاب تساعد في إيضاحها وإيصالها، وهو أسهل الشروط تحقيقاً من الناحية العملية، حيث إن هذا هو ما تقوم عليه دورات إعداد المدربين TOT المنتشرة بشكل كبير في عالمنا. ومن يفتقد لديه هذا الشرط فهو محاضر وليس مدرب -وكثير مما يسمى دورات في الحقيقة هي محاضرات وليست دورات- ومن يوجد لديه هذا الشرط فقط دون باقي الشروط الأخرى هو في الحقيقة ميسر facilitator وليس مدربا.
الشرط الثاني هو: إتقان مهارات الإلقاء وأعني مهارات العرض والتقدم وإعداد الشرائح، وكذلك مهارات الإقناع والتأثير والقدرة على تغيير السلوك، وهو أصعب من الشرط السابق، لأن هذه مهارات لا تكتسب إلا بالممارسة لفترات طويلة، ويتطبق عليها قانون الـ 10000 ساعة الشهير الذي ذكره مالكولم جلادويل في كتابه “التفرد”. أي أن هذه المهارات تحتاج التطبيق مرات ومرات مع تقييم الأداء لفترة لا تقل عن 5 سنوات وربما تصل إلى الـ 10 سنوات؛ لذلك عندي تحفظ كبير على أن يقوم مدرب لم يتجاوز عمره التدريبي 5 سنوات بتقديم دورات إعداد المدربين. ومن ليس لديه هذا الشرط سيكون في نظر الغالب مدرباً غير ناجح، أو مدرب “بايخ أو بارد” وأما من توفر عنده هذا الشرط دون غيره فهو لا يعدو أن يكون متحدثاً بارعاً “خطيب مصقع” وهو بالتاكيد ليس مدرباً.
الشرط الثالث هو: التمكن من المادة.. وأعني فهم المادة التي يقدمها وفهم أعماقها العلمية وتطبيقاتها العملية، وهذا يكون إما بالممارسة العملية للمجال أو الدراسة الأكاديمية العميقة أو الاطلاع الجاد -ما لا يقل عن 20 كتاباً حول الموضوع منها 5 على الأقل مما يسمى أمهات الكتب في المجال”. وهو الأصعب من بين كل الشروط لأنه يحتاج وقتاً وجهداً قد يستغرق عمر الإنسان، وهو أيضاً الشرط الذي نفتقده في كثير ممن يملأون الساحة التدريبية في عالمنا العربي، حيث أجد شخصاً قرأ كتاباً واحداً حول موضوع معين ثم حوله إلى دورة تدريبية، وهذا مما ينبغي لنا كمدربين العمل على تجاوزه والارتقاء بمهنة التدريب، بحيث لا يقدم الدورات إلا من عرف عنه التمكن في المجال، إما بدراسة أكاديمية -مثلا دكتورفي التسويق ممكن يقدم دورات في التسويق- أو خبرة عملية -أيضا مدير قسم التسويق ممكن يقدم دورات في التسويق- أو الاطلاع المتميز على المجال مع بعض الممارسة العملية -مثلا شاب رائد أعمال ممكن يقدم دورات في التسويق لو كان قرأ فيه عدد الكتب الذي ذكرته سابقا”.
في رأيي لو تحققت هذه الشروط في مدرب ما.. فسيكون أحد نجوم التدريب في عصره، وأسأل الله التوفيق لنا جميعاً في أن يكون التدريب وسيلة للرقي بأمتنا نحو التقدم والازدهار.
تم نشر هذه المقالة في مجلة (دليل التدريب في عددها الأول الذي صدر في أغسطس/آب 2013
وفي زمننا هذا أصبح التدريب مهنة مستقلة، بالإضافة لكونه دوراً حياتياً يمارسه البشر بتلقائية، وأصبح جزءاً من مسارات العمل والتطوير الوظيفي، بل وجزءاً من الحياة الزوجية والاجتماعية، ونتيجة لهذا التحول أصبحنا نحتاج أن نضع بعض الضوابط لممارسة التدريب، وهذا حال كل مهنة انتقلت من التلقائية إلى الاحترافية. لذلك يبقى دائما سؤال يتردد دائما.. ما الذي يصنع المدرب المتميز؟ وهل هناك شروط وضوابط لذلك؟
من وجهة نظري الشخصية وبعد تأمل في وضع التدريب في مجتمعاتنا ومن خبرة حوالي 10 سنوات في المجال وضعت نموذجاً أسميته “مثلث التدريب” وهو في رأيي يمثل الشروط الـ ٣ الأساسية للمدرب المتميز، وسأستعرضها كل على حدة في الفقرات التالية.
الشرط الأول هو: إتقان مهارات التدريب وأعني بها مهارات إعداد المادة التدريبية وتحويل الأفكار المجردة إلى تمارين وألعاب تساعد في إيضاحها وإيصالها، وهو أسهل الشروط تحقيقاً من الناحية العملية، حيث إن هذا هو ما تقوم عليه دورات إعداد المدربين TOT المنتشرة بشكل كبير في عالمنا. ومن يفتقد لديه هذا الشرط فهو محاضر وليس مدرب -وكثير مما يسمى دورات في الحقيقة هي محاضرات وليست دورات- ومن يوجد لديه هذا الشرط فقط دون باقي الشروط الأخرى هو في الحقيقة ميسر facilitator وليس مدربا.
الشرط الثاني هو: إتقان مهارات الإلقاء وأعني مهارات العرض والتقدم وإعداد الشرائح، وكذلك مهارات الإقناع والتأثير والقدرة على تغيير السلوك، وهو أصعب من الشرط السابق، لأن هذه مهارات لا تكتسب إلا بالممارسة لفترات طويلة، ويتطبق عليها قانون الـ 10000 ساعة الشهير الذي ذكره مالكولم جلادويل في كتابه “التفرد”. أي أن هذه المهارات تحتاج التطبيق مرات ومرات مع تقييم الأداء لفترة لا تقل عن 5 سنوات وربما تصل إلى الـ 10 سنوات؛ لذلك عندي تحفظ كبير على أن يقوم مدرب لم يتجاوز عمره التدريبي 5 سنوات بتقديم دورات إعداد المدربين. ومن ليس لديه هذا الشرط سيكون في نظر الغالب مدرباً غير ناجح، أو مدرب “بايخ أو بارد” وأما من توفر عنده هذا الشرط دون غيره فهو لا يعدو أن يكون متحدثاً بارعاً “خطيب مصقع” وهو بالتاكيد ليس مدرباً.
الشرط الثالث هو: التمكن من المادة.. وأعني فهم المادة التي يقدمها وفهم أعماقها العلمية وتطبيقاتها العملية، وهذا يكون إما بالممارسة العملية للمجال أو الدراسة الأكاديمية العميقة أو الاطلاع الجاد -ما لا يقل عن 20 كتاباً حول الموضوع منها 5 على الأقل مما يسمى أمهات الكتب في المجال”. وهو الأصعب من بين كل الشروط لأنه يحتاج وقتاً وجهداً قد يستغرق عمر الإنسان، وهو أيضاً الشرط الذي نفتقده في كثير ممن يملأون الساحة التدريبية في عالمنا العربي، حيث أجد شخصاً قرأ كتاباً واحداً حول موضوع معين ثم حوله إلى دورة تدريبية، وهذا مما ينبغي لنا كمدربين العمل على تجاوزه والارتقاء بمهنة التدريب، بحيث لا يقدم الدورات إلا من عرف عنه التمكن في المجال، إما بدراسة أكاديمية -مثلا دكتورفي التسويق ممكن يقدم دورات في التسويق- أو خبرة عملية -أيضا مدير قسم التسويق ممكن يقدم دورات في التسويق- أو الاطلاع المتميز على المجال مع بعض الممارسة العملية -مثلا شاب رائد أعمال ممكن يقدم دورات في التسويق لو كان قرأ فيه عدد الكتب الذي ذكرته سابقا”.
في رأيي لو تحققت هذه الشروط في مدرب ما.. فسيكون أحد نجوم التدريب في عصره، وأسأل الله التوفيق لنا جميعاً في أن يكون التدريب وسيلة للرقي بأمتنا نحو التقدم والازدهار.
تم نشر هذه المقالة في مجلة (دليل التدريب في عددها الأول الذي صدر في أغسطس/آب 2013
الإبتساماتإخفاء