هل العميل دائماً على حق؟!بقلم: ناهد زكي
ظلت عبارة "العميل دائماً على حق" معتمدة لفترة طويلة في مجال الأعمال، نظراً إلى أنها سلطت الضوء على الطريقة المناسبة للتعامل مع العميل، كما أنها رسمت الخطوط الواضحة وقدمت الإرشادات المناسبة التي تجعل المديرين دائماً ما يقومون بتفضيل العميل وتلبية رغباته أياً كانت. ولقد أصبحت تلبية متطلبات العميل رغبة ملحة لدى جميع المسؤولين والمشاركين في مجال الأعمال، وتتولد هذه الرغبة من هدف تحقيق نسب ربحية أعلى من خلال اجتذاب عدد أكبر من العملاء. ومما لا شك فيه أن التعامل مع العملاء بلطف وتلبية جميع رغباتهم ومتطلباتهم يساعد في دفع عجلة العمل إلى الأمام، وإحراز تقدم في مستوى أداء المؤسسة عامةً، ولكن من المهم تحديد إلى أي مدى يمكن للمدير أن يلبي رغبات العملاء بحيث يحافظ على تحقيق أهداف الربحية ولكن دون المساس بمنظومة العمل داخل المؤسسة، وإلا أثَّر بالسلب على نجاحها.
يجب على المدير أن يصنف العملاء وفقاً لمدى أهميتهم وتأثيرهم الإيجابي على المؤسسة إلى: عملاء غير مميزين، وعملاء مميزين، حيث إن تلبية متطلبات العميل غير المميز – الذي يريد الحصول على كثير من الاستثناءات، ويرغب أن يتم تفضيله على غيره، ويرفض اتباع قوانين المؤسسة، ولا يلتزم بتواريخ استحقاق دفعاته، ويزعج القائمين على العمل، ويخلق نوعاً من الفوضى في المؤسسة – يعتبر العامل الرئيسي في تفاقم خسائر المؤسسة، وكذلك فقدان سمعتها. ولقد تم إثبات وجهة النظر هذه من خلال دراسة تعد من أهم الأبحاث التى تمت إجازتها في جامعة "ميريلاند" عام 2013، حيث أشارت هذه الدراسة إلى أن العملاء الذين يتصرفون بطريقة سيئة داخل المؤسسة يمكن أن يسببوا آثاراً سلبية عديدة تتمثل في ما يلي:
• تحمل تكاليف إضافية لمعالجة الآثار السلبية على الموظفين نتيجة التعامل السيئ معهم، والتي تؤثر على طريقة تعاملهم مع العملاء الآخرين، مما يؤدي إلى انخفاض معدل رضا العملاء بصفة عامة.
• إساءة التصرف من جانب أحد العملاء يؤدي إلى تشجيع العملاء الآخرين بشكل غير مباشر على إساءة التصرف بشكل مماثل.
• تحمل تكاليف إضافية لمعالجة الآثار السلبية على الموظفين نتيجة التعامل السيئ معهم، والتي تؤثر على طريقة تعاملهم مع العملاء الآخرين، مما يؤدي إلى انخفاض معدل رضا العملاء بصفة عامة.
• إساءة التصرف من جانب أحد العملاء يؤدي إلى تشجيع العملاء الآخرين بشكل غير مباشر على إساءة التصرف بشكل مماثل.
وبناءً عليه يتوجب على المدير أن يكون حذراً في أثناء تعامله مع العملاء غير المناسبين، وألا يلقي بالاً لإرضائهم، حيث إن هذا الهدف لا يمثل أهمية كبيرة عند التعامل مع هذا النوع من العملاء. ومن ناحية أخرى، يجب أن يركز المدير على صالح المؤسسة ككل، والتي يمكن أن تضار بشكل كبير في أثناء محاولات إرضاء العملاء غير المناسبين، ولذلك فإنه بدلاً من قيام المدير بالتفاني في إرضاء العميل غير المناسب، فإنه يجب عليه أن ينظم تعامله مع المؤسسة بحيث يوجهه لضرورة اتباع قوانين العمل فيها، والتأكيد على عدم منحه أي استثناءات نظراً إلى أن الاستثناءات بحد ذاتها تمثل جزءاً من القوانين التى يتم تحديد ماهيتها بشكل واضح، وكذلك تحديد مواصفات الأشخاص الذين يحق لهم التمتع بها.
وفي نفس الوقت، يتعين على المديرين أن يمنحوا الأولوية الأولى والأهمية البالغة للعميل المميز – الذي يحترم المؤسسة، ويلتزم بسداد الدفعات المستحقة عليه في مواعيدها، ويطبق قوانين المؤسسة، ويحترم فريق العمل، وذلك بالإضافة إلى ضرورة التعامل مع العملاء المميزين بطريقة لائقة لأنهم من خلال تعاملهم الراقي مع المؤسسة يساهمون بشكل إيجابي وفعال في تطوير بيئة العمل، وتشجيع الموظفين على أداء عملهم بطريقة احترافية، وتحقيق التكامل في منظومة العمل، مما يسهم في تحقيق الغاية المنشودة للجميع، والتي تتمثل في زيادة وتعظيم الربح، كما يتعين أيضاً منح العميل المميز امتيازات خاصة ومكافآت متميزة، فعلى سبيل المثال: وضعت شركة "دلتا" للطيران برنامج ولاء العملاء من خلال ترجمة النقاط التي يحصلون عليها في هذا البرنامج إلى مبالغ نقدية بدلاً من أميال يمكن استخدامها فيما بعد عند سفرهم، وأطلقت عليه "برنامج المكافآت" للعملاء المتميزين.
وختاماً، فإن أية مؤسسة تهدف إلى الحفاظ على نجاحها، وتوثيق سمعتها، وتعميق مصداقيتها يجب ألا تعتبر شعار "العميل دائماً على حق" حقيقة مؤكدة ومطلقة، مما يحتم على المديرين ضرورة التفرقة بين العملاء المميزين الذين يستحقون مكافأتهم وتلبية رغباتهم، وبين العملاء غير المميزين الذين يسببون كثيراً من المشاكل، ولا يستحقون منحهم أى امتيازات، مع ضرورة الأخذ في الاعتبار أن إرضاء العميل بصفة عامة لا يعني منحه كل ما يريد، نظراً إلى أنه يجب الحفاظ على منظومة العمل داخل المؤسسة، والتي قد يؤدي المساس بها إلى التأثير بشكل سلبي على نجاح العمل أو سمعة المؤسسة في السوق. وتأييداً لما سبق، توصلت دراسة تم نشرها في مجلة "هارفارد بيزنس ريفيو" عام 2010 إلى نتائج مهمة بهذا الشأن مفادها:
أولاً: تلبية متطلبات العميل بشكل مطلق لا يولد الولاء عند العميل، ولكن تقليل المجهود الذي يبذله لحل المشاكل التي تواجهه في المؤسسة هو ما يفعل.
ثانياً: العمل في هذا الاتجاه يساعد في تطوير خدمة العملاء، وتقليل التكاليف، والحصول على مستوى أفضل من رضا العملاء.
أولاً: تلبية متطلبات العميل بشكل مطلق لا يولد الولاء عند العميل، ولكن تقليل المجهود الذي يبذله لحل المشاكل التي تواجهه في المؤسسة هو ما يفعل.
ثانياً: العمل في هذا الاتجاه يساعد في تطوير خدمة العملاء، وتقليل التكاليف، والحصول على مستوى أفضل من رضا العملاء.
بقلم: ناهد زكي
الإبتساماتإخفاء