كلنا يعلم أن التفاعل تعابير الوجه والتفاعلات الجسمية يمكن أن تشير إلى الأفكار والمشاعر التي لا يعبر عنها كلامياً. وهناك صعوبة في تفسير هذه الرسائل غير المحكية.
يقول إيكمان: أنه في حين يصعب فك رموز تعابير الوجه لأنها سريعة التلاشي (لا تستمر في أي حال من الأحوال أكثر من 0.5 – 3 ثوان)، ولأن الأفراد يحاولون دائماً إخفاءها، فإنها تعتبر أوضح المؤشرات على ما يشعر به الإنسان.
ويقول أيضاً: "الوجه هو النظام الوحيد الذي يخبرنا عن العواطف التي تجول داخل أحدنا". وهذا يعود إلى أن كل عاطفة لها إشاراتها الفريدة والتي يمكن قراءتها على الوجه. وبما أن كل نوع من أنواع الانفعالات له إشارته الخاصة التي تظهر على الوجه كنوع من أنواع التعابير الوجهية، فإن هذه التعابير تعتبر أكثر المؤشرات التي يمكن الاعتماد عليها في تفسير الحالة العاطفية أو الشعورية للفرد من لغة الجسد.
فإذا ما ابتسم لك مديرك دون أن تتقلص العضلات حول عينيه، فهو يحاول أن يكون لطيفاً فحسب.. وبإمكانك أن تتعلم قراءة الوجوه وإدراك ما يشعر به الآخرون من خلال معرفتك للكيفية التي تظهر بها مشاعرك أنت كفرد على وجهك. وننصحك بالنظر إلى المرآة وتذكّر أحد التجارب الشخصية التي مررت بها فجعلتك غاضباً، أو مسروراً، حزيناً، أو خائفاً، هنا يمكنك أن ترى كيف تتغير قسمات وجهك عندما تمر التجربة على ذهنك من جديد. هذا التمرين يجعلك تدرك حركات العضلات التي تعتبر أوضح المؤشرات على عاطفة معينة.
من جهة أخرى تعتبر دراسة بعض الصور التي تنم عن حالات نفسية معينة مفيدة في هذا المجال.. يمكنك أن تميز بين الابتسامة الصادقة والابتسامة الخادعة، بين الخوف والشجاعة المقنّعة، بين التملق والثناء الحقيقي... كما أنك ستعرف كُنه الابتسامة التي يرسمها المدير على وجهه، فإذا ما ابتسم لك مديرك دون أن تتقلص العضلات حول عينيه، فإنها لا تتعدى حدود المجاملة ...
استخدم معرفتك
إذا تعلمت كيف تدرك بشكل تلقائي ودقيق المعاني التي تحملها التعابير الوجهية المختلفة، يمكنك الآن أن تقرر ما إذا كان بإمكانك أن تتعامل مع المعلومات التي تمكنت من الحصول عليها من خلال قراءتك للوجه وبأي طريقة.
على سبيل المثال: إذا تمكنت من التقاط علامات غضب (شفاه مرققة، حاجبان منخفضان، وجفنان مرتفعان) من فرد من أفراد طاقم العمل لديك بعد أن أخبرته بأنه لن يتلق ترفيعاً هذه السنة، وإذا كنت مهتماً به وتريد أن تراه يتحسن، نقترح عليك أن تقول له: "أعرف أنها أخبار سيئة وأتوقع أن تكون محبطاً". أو "لدي انطباع بأنك كنت منزعجاً وأنك كنت تتساءل ما إذا كان من المجدي الكلام بهذا الشأن"، أو أن تقول ببساطة: "سأكون مسروراً لو تكلمت معك الآن أو في وقت لاحق تجد نفسك مستعداً للكلام فيه بهذا الشأن".
واحذر هنا من توجيه سؤال" هل أنت غاضب؟" في وضع كهذا لأن هذا يفتح النار على المدير التنفيذي عادة.
فلذلك لا فائدة من المعلومات التي حصلت عليها من قراءتك لوجه الآخر إن لم تجد التعامل معها والاستفادة منها
إذا أبدى هذا الموظف نوعاً من الخوف (الجفنين العلويين مرتفعين، الجفنين السفليين مشدودين، حاجبان مرفوعان ومقطبان)، والذي يشير أنه ربما يكون قلقاً على مستقبله. هنا ننصحك بأن تؤكد له أن وضعه مستقر في الشركة، إذا لم يكن في خطر فعلاً، أو أن يناقش المساحات التي عليه أن تطورها لتحسين وضعه في الشركة.
عند دراستنا لتعابير الوجه علينا أن ندرك أنها لا تكشف عن ما يولد الانفعالات التي تترجمها التعابير، ما نعرفه فقط الانفعال الذي يحدث، وإذا أصبحت لدينا مهارة قراءة وجه الآخر فما سنعرفه هو الانطباع الذي تشكل عند هذا الفرد تجاه مواقفنا أو كلامنا له، وما هي المشاعر التي يحاول إخفاءها.
ما نريد قوله هو أننا سنكون في حال أفضل لو أننا منحنا مزيداً من الانتباه إلى ترجمة هذه التعابير وعرفنا كيف نتعامل معها من مما لو تجاهلناها.
مثال:
مر " إيريك غولد فارب " بتجربة حية أثناء أحد اجتماعات مناقشة الميزانية، لاحظ فارب أن نائب المدير كان يعبث باستمرار بربطة عنقه. ظن الرجل أن هذه الحركة إنما تشير إلى عدم ارتياح نائب المدير للهدف المالي الذي كان يقترحه. لاحظ عينيه أيضاً وظن أنهما تنمّان عن قلق بشأن الأهداف المالية. توجه له بالسؤال عدة مرات أثناء الاجتماع ما إذا كان راضياً عن الأهداف الموضوعة، ولكنه كان يجيب بثبات أن نعم، إلا أن غولد فارب لم يكن يصدقه؛ لذلك قام بجدولة اجتماع متابعة معه من أجل تحري مشاعره بشكل أعمق. انتهى الاجتماع بإقراره الموافقة على الميزانية. شعر غولد فارب أنه أضاع وقته ووقت موظفه الثمين بتنظيم اجتماع المتابعة، وأنه انشغل بالاجتماع الأول بالأسئلة المتكررة التي لم يكن لها داع. ماذا يمكن أن يفعل غولد فارب ليكون أكثر دقة في تفهم مشاعر نائب المدير؟
في بعض الأحيان يكون التحقق من تفسيراتك للغة الجسد عن طريق السؤال المباشر أفضل من المضي في البناء عليه:
في الواقع كان غولد فارب وهو موظف كبير في شركة التدقيق المالي شولتز إنترناشيونال بارعاً في قراءة اللغة الجسدية وتعابير وجه نائب المدير، ولكن باعتبار أن لغة الجسد لغة معقدة ليس من السهل تفسيرها، وقد تكون مضللة في بعض الأحيان، كما أن تعابير الوجه قد تستعصي على القراءة إذا لم تكن متمرساً بها، فقد كان غولد فارب بحاجة إلى المزيد من التركيز المباشر على الهدف الذي يصبو إليه، فعوضاً عن تكراره لسؤاله لها "هل أنت مرتاحاً ؟" كان بإمكانه أن يعرف حقيقة ما يفكر به بطريقة أكثر فاعلية كأن يقول له: "إنه لأمر على جانب من الأهمية بالنسبة لي أن أعرف موقفك تجاه الميزانية. لا أقصد أن أكون فضولياً، ولكنني أود فقط معرفة ما إذا كان الشعور بعدم الارتياح الذي ألمسه من جانبك سببه هدف الميزانية المطروح، أم شيء آخر، إذا كان السبب هو الاقتراحات التي تقدمت بها، فيمكننا أن نقوم ببعض التغييرات". لو قام غولد فارب بهذا لما اعتراه القلق واستمر في أسئلته المتواترة باعثاً برسالة إلى هذا الشخص –وهو من الموظفين الرئيسيين لديه- مفادها أنه لا يثق به.
فغالباً لا يبوح الموظف بحقيقة ما يشعر به تجاه وضع أو أمر معين يجد نفسه مضطراً للتعامل معه.
إن قراءة تعابير الوجه وتفسير معاني التواصل غير المحكي على نحو دقيق تجعل من المدراء قادة أكثر فاعلية، لكن لا بد أن يتبعها قدرة على التعامل مع هذه الانفعالات.
الإبتساماتإخفاء